حوالة الدين لها أهمية كبيرة في المعاملات المالية والقانونية، وتبرز أهميتها من خلال عدة جوانب، منها تسوية المنازعات المالية، فعند حدوث خلافات أو تعثر في السداد يمكن استخدام حوالة الدين كوسيلة للتفاوض والتسوية بين الأطراف، حيث يُنقل الدين إلى طرف ثالث قادر على السداد بدلاً من مواجهة الإجراءات القانونية، وبالتالي توفر ضمانات للدائن، فعندما يتم تحويل الدين إلى شخص موثوق أو ذو قدرة مالية أكبر يُعتبر هذا بمثابة ضمانة إضافية للدائن بأنه سيستلم حقه، بدلًا من ملاحقة المدين الأصلي الذي قد يكون غير قادر على السداد، ويحصل الدائن على فرصة أفضل لاسترداد أمواله من المدين الجديد، كما توفر الحوالة للمدين الأصلي التخلص من عبء الدين وتحسين وضعه المالي، سواء كان ذلك بسبب تعثر مالي أو لأي سبب آخر، مما يتيح له التفرغ لأمور مالية أو تجارية أخرى، مما يعزز الثقة في المعاملات التجارية، حيث يمكن أن تكون الحوال وسيلة لضمان استمرارية العلاقات التجارية دون انقطاع بسبب تعثر أحد الأطراف، ومن هذا المنطلق سوف نركز حديثنا في هذا المقال على أحكام حوالة الدين في القانوني العماني والتي تناولتها المواد من 772 إلى 797 من قانون المعاملات المدنية.
ما هي حوالة الدين؟
حوالة الدين تعني نقل الدين من ذمة المدين إلى ذمة شخص آخر، بحيث يصبح المدين الجديد مسؤولاً عن سداد الدين للدائن، وهي تُعرف أيضاً باسم “تحويل الدين” أو “تحويل المسؤولية”، وهي عقد بين ثلاثة أطراف:
- الدائن: الشخص الذي له الحق في استلام الدين (المحال له).
- المدين: الشخص الذي عليه الدين (المحيل).
- المدين الجديد: الشخص الذي يتحمل سداد الدين بعد الحوالة (المحال عليه).
مثال توضيحي:
إذا كان الشخص (أ) مديناً للشخص (ب) بمبلغ مالي، والشخص (ج) وافق على تحمل هذا الدين وسداده نيابة عن (أ)، يتم تحويل الدين من (أ) إلى (ج) عن طريق الحوالة، بعدها، يصبح (ج) ملزماً بالدين تجاه (ب)، ولا يكون (ب) له حق المطالبة من (أ) بعد ذلك.
قد يهمك الاطلاع على: التعويض الاتفاقي أو الشرط الجزائي في العقود
ما هي أنواع الحوالة؟
أفاد قانون المعاملات المدنية العماني بوجود نوعين من الحوالة، وهما كالآتي:
- الحوالة المقيدة: وهي الحوالة التي تقيد بأدائها من الدين الذي للمحيل في ذمة المحال عليه أو من العين التي في يده أمانة أو مضمونة.
- الحوالة المطلقة: وهي التي لم تقيد بشيء من ذلك ولو كان موجوداً.
ما هي شروط صحة وانعقاد الحوالة؟
يشترط لصحة الحوالة رضا المحيل والمحال عليه والمحال له، كما إنه تنعقد الحوالة التي تتم بين المحيل والمحال عليه موقوفة على قبول المحال له، وكذلك يشترط لانعقاد الحوالة فضلاً عن الشروط العامة، الآتي بيانه:
- أن تكون منجزة غير معلقة إلا على شرط ملائم أو متعارف عليه ولا مضافاً فيها العقد إلى المستقبل.
- ألا يكون الأداء فيها مؤجلاً إلى أجل مجهول.
- ألا تكون مؤقتة بموعد.
- أن يكون المال المحال به دينا معلوماً يصح الاعتياض عنه.
- أن يكون المال المحال به في الحوالة المقيدة ديناً أو عيناً لا يصح الاعتياض عنه وأن يكون كلا المالين متساويين جنساً وقدراً وصفة.
- ألا تنطوي على جعل لأحد أطرافها بصورة مشروطة أو ملحوظة ولا تتأثر الحوالة بالجعل الملحق بعد عقدها ولا يستحق.
بالإضافة إلى ذلك يشترط لصحة الحوالة أن يكون المحيل مديناً للمحال له ولا يشترط أن يكون المحال عليه مديناً للمحيل فإذا رضي بالحوالة لزمه الدين للمحال له.
ومن جانب أخر، فإن قبول الأب أو الوصي الحوالة على الغير جائز إن كان فيه مصلحة للصغير بأن يكون المحال عليه أملأ من المحيل أو مساوياً له في اليسار.
كما يجدر التنويه بأنه تبطل الحوالة إذا انتفى أحد شرائط انعقادها ويعود الدين على المحيل، وإذا كان المحال عليه قد دفع إلى المحال له قبل تبين البطلان فإنه يكون مخيراً بين الرجوع على المحيل أو على المحال له، كما تبطل الحوالة ببطلان سبب الدين المحال به أو المحال عليه.
قد يهمك الاطلاع على: التعويض لإخلال البائع والمشترى بالالتزامات في عقد البيع
ما هي الأثار المترتبة على انعقاد الحوالة؟
هذا وبخصوص التحدث عن الأثار المترتبة على انعقاد حوالة الدين، فإن هذا الأمر ينقسم إلى ثلاث نقاط وفق الآتي بيانه:
1– الأثار المترتبة على انعقاد حوالة الدين فيما بين المحال له والمحال عليه:
حيث إنه يثبت للمحال له حق مطالبة المحال عليه ويبرأ المحيل من الدين ومن المطالبة معاً إذا انعقدت الحوالة صحيحة، كما ينتقل الدين على المحال عليه بصفته التي على المحيل فإن كان حالاً تكون الحوالة به حالة وإن كان مؤجلاً تكون مؤجلة.
وأيضاً تبقى للدين المحال ضماناته بالرغم من تغيير شخص المدين ومع ذلك لا يبقى الكفيل عينياً كان أو شخصياً ملتزماً قبل الدائن إلا إذا رضي بالحوالة، وللمحال له والمحال عليه بعد انعقاد الحوالة التراضي على جزء من الدين أو أقل منه أو على تأجيل الدين الحال أو تعجيل المؤجل أو أخذ عوض الدين ما لم يؤد ذلك إلى ربا النسيئة، وأخيراً، للمحال عليه أن يتمسك قبل المحال له بكافة الدفوع المتعلقة بالدين والتي كانت له في مواجهة المحيل وله أن يتمسك بكافة الدفوع التي للمحيل قبل المحال له.
2- الأثار المترتبة على انعقاد حوالة الدين فيما بين المحيل والمحال عليه:
يكون للمحيل حق مطالبة المحال عليه بما له في ذمته من دين أو عين إذا لم تقيد الحوالة بأيهما وليس للمحال عليه حق حبسهما حتى يؤدي إلى المحال له، كما إنه يسقط حق المحيل في مطالبة المحال عليه بما له عنده من دين أو عين إذا كانت الحوالة مقيدة بأيهما واستوفت شرائطها ولا تبرأ ذمة المحال عليه تجاه المحال له إذا أدى أيهما للمحيل.
وكذلك لا يجوز للمحال عليه في الحوالة الصحيحة بنوعيها أن يمتنع عن الوفاء إلى المحال له ولو استوفى المحيل من المحال عليه دينه أو استرد العين التي كانت عنده، هذا وإذا تمت الحوالة المطلقة برضا المحيل وكان له دين عند المحال عليه جرت المقاصة بدينه بعد الأداء وإذا لم يكن له دين عنده يرجع المحال عليه على المحيل بعد الأداء.
3- الأثار المترتبة على انعقاد حوالة الدين فيما بين المحال له والمحيل:
على المحيل أن يسلم إلى المحال له سند الحق المحال به وكل ما يلزم من بيانات أو وسائل لتمكينه من حقه، وإذا ضمن المحيل للمحال له يسار المحال عليه فلا ينصرف هذا الضمان إلا إلى يساره وقت الحوالة ما لم يتفق على غير ذلك.
كما إنه إذا مات المحيل قبل استيفاء دين الحوالة المقيدة اختص المحال له بالمال الذي بذمة المحال عليه أو بيده في أثناء حياة المحيل، كما يبقى أجل الدين في الحوالة بنوعيها إذا مات المحيل ويحل بموت المحال عليه.
وأيضاً تبطل الحوالة المقيدة إذا سقط الدين أو استحقت العين بأمر سابق عليها ويرجع المحال له بحقه على المحيل، ولا تبطل الحوالة المقيدة إذا سقط الدين أو استحقت العين بأمر عارض بعدها وللمحال عليه الرجوع بعد الأداء على المحيل بما أداه.
هذا وللمحال له أن يرجع على المحيل في الأحوال الآتية:
- إذا فسخت الحوالة باتفاق أطرافها.
- إذا جحد المحال عليه الحوالة ولم تكن ثمة بينة بها وحلف على نفيها.
- إذا كانت الحوالة مقيدة وسقط الدين أو هلكت العين أو استحقت وكانت غير مضمونة.
- فيما بين المحال له والغير.
كما أنه إذا تعددت الحوالة بحق واحد فضلت الحوالة التي تصبح قبل غيرها نافذة في حق الغير، ولا تكون الحوالة نافذة في حق الغير إلا بإعلانها رسمياً للمحال عليه أو قبوله لها بوثيقة ثابتة التاريخ.
كذلك إذا وقع تحت يد المحال عليه حجز قبل أن تصبح الحوالة نافذة في حق الغير كانت الحوالة بالنسبة إلى الحاجز بمثابة حجز آخر وفي هذه الحالة إذا وقع حجز بعد أن أصبحت الحوالة نافذة في حق الغير فإن الدين يقسم بين الحاجز المتقدم والمحال له والحاجز المتأخر قسمة غرماء على أن يؤخذ من حصة الحاجز المتأخر ما يستكمل به المحال له قيمة الحوالة.
متى تنتهي حوالة الدين؟
أوضح قانون المعاملات المدنية على أنه تنتهي الحوالة بأداء محلها إلى المحال له أداء حقيقياً أو حكمياً.
قد يهمك الاطلاع على: خدمات القضايا المدنية
مكتب خالد بن عمر فاضل للمحاماة والاستشارات القانونية من المكاتب الرائدة في سلطنة عمان في تقديم مختلف الخدمات القانونية، بما في ذلك الخدمات المتعلقة بـ حوالة الدين، ويسعدنا تواصلكم معنا أو زيارتنا في المكتب.
لا تترددوا في الإتصال بنا على الرقم: 0096898830992 أو على الرقم: 0096823298799